يولد النهار كل يوم تحت ثوبك...هذا البرق لي، هذا الرغيف لي، وهذا المسـاء...ظلٌ يتحرّك هنا وهناك، دبّوس شعرك يوخزني، ينادي على الطير في صوتي، ينادي على حصاني، خمسون عاماً ودمٌ على يديك وبكـاء...
يولد النهارُ كل يومٍ تحت ثوبك، فأي حائط يسندني، وأي طريق تأخذني إليك، لا شيء سوى صمت قلبي وهو ينزل في طحالب الشتاء...
أيتها الدهشة الأولى، يا قطرة من ذراعي ظلّت على حجرٍ عتيق، زهرةٌ في برّ المنافي، وخيط حريرٍ يضيء فضة السماء...
يا امرأةً تفكين القيد عن أغنيةٍ وسؤال، وفي السجن أعشاب كثيرة، وفي السجن ينابيع تطلّ على غضب النساء...
يا امرأةً أخذتني إلى قبري هنا في المكان الواقع على سهلٍ وبحرٍ ونطقت باسمي لكي أحيا، دقّت عظامي كثيراً لكي أحيا وحمّلتني كل الأسماء...
يا امرأةً تطرزني بوجع المخاض، مدينةً أو قمراً تخبئني في صدرها...خذ جوعي وملحي، خذ حليبي ونبيذي كي تظلّ سيدي وحدي...خذ ضفيرتي وعلّقها على صليب المسيح في ضجيج الصلاة، قامت القيامة وعاد الشهداء....
يا امرأةً توزّعني من مخيم إلى مخيم، تلملمني بقايا ذاكرة، كي يكون لي القرار، اذهب معي، كل شيء لك وحدك...هذه السقيفةُ وهذه القصيدة...وهذا الجمال في البرتقال لا تيأس، اخرج من قميصي وكن أكبر من صرختي، قَبّلني كي أضرب الموتَ وأسمع البحر في نشيدي، وقبلني كلما توجّعت رام الله في أحشائي واشتعل المخاض...
أحبك كلما اشتد البرد في ليل النقب...أسلاك كالأفاعي حولنا، ذاهبون إلى الغياب والغياب، لا شيء هنا سوى رصاصٌ وغازٌ وعواء، لا شيء سوى الرملُ عارياً كأجسادنا، وحدنا يا حبيبتي خلف ألف زمنٍ ومؤبّد، وحدنا نزرع أصابعنا في الريح كي تعود مرّة أخرى ساخنةً بلا ماء...وحدنا نشرب بارود الحرب نفتّش في أجسادنا عنك، ننظر طويلاً إلى الأعلى، هي غيمةٌ خضراء...هي أنت تفتحين شبّاكاً على الجرح...
أمطرينا أمطرينا، لا تنتظري قراراً لكي تزورينا، لا تنتظري تسوية تبقينا في الضياع، لا تذهبي معهم إلى حوار الوداع والوداع، أمطرينا أمطرينا، خيمتنا احترقت ولا إله سواكِ في هذا الفضاء...
أحبك يا امرأةً تحمل النعنع من نحّالين إلى باب الخليل، صوتك يوقظ القدس وطلاب المدارس...وعندما يدعسُ السجّانُ على النعنع يسيل الزيتُ على خدّي ويعلو درس القراءة في نسيان المذبحة...خذ جوعي وملحي، خذ حليبي ونبيذي، اخرج منّي إليكَ وكبّر في باب العمود تجدني كما اتفقنا مزدحمين بالأولاد والقبرات...
يا امرأةً تلمّين لحمي في قطاف الزيتون، أيتها الجميلة كصفد، الجالسة على عرش النبوّة، كأنك بلداً في أنثى وأنثى في بلد...بيت جالا ورائك...وبيت ساحور أمامك وشعرك يتدلّى صراخاً في الجنازة، أسمع صوت أخي، أسمع صوت أختي وأسمع صوتي أمي، فاحمليني حياً أو ميتاً وقدميني للعالم، شهيداً أو فقيراً...قدّمي مفاصلي هنا باب الزقاق، هنا مخيم الدهيشة، هنا العرس في رام الله، هنا جنين، هنا حارتنا الصاحية، هنا النهار... أمطرينا، أمطرينا...