حلب مهد للعديد من الحضارات التي قامت على أرضها وانتشرت شرقا وغربا ، وما أعطته هذه الحضارات من ثقافات متنوعة انصهرت في بوتقة حلب ، فكونت لها نسيجها الحضاري الخاص .
ولعل فنون الموسيقا والغناء ، كانت أكثروضوحا في هذه الخصوصية التي تمتعت بها حلب في فنونها وثقافاتها . وتكاد تكون حلب المدينة العربية الوحيدة التي تميزت بألوان خاصة من الغناء ، لاتشابهها في ذلك أية مدينة عربية أخرى .
فقد اشتهرت حلب بثلاثة من فنون الغناء هي :
القدود الحلبية والموشحات وما ارتبط بها من رقص السماح ، وثالث هذه الفنون فاصل اسق العطاش .
القدود الحلبية
القدود الحلبية ... تمثل اللون الغنائي الشعبي الاساسي لمدينة حلب ، يرددها أهلها في سهراتهم وحفلاتهم ورحلاتهم ، وطارت شهرة القدود الحلبية في الافاق ، حتى صاريؤديها الكثير من المطربين السوريين من خارج حلب ، بل والعديد من المطربين العرب ،ومن أشهر من غنى القدود محمد خيري، صباح فخري ، صبري مدلل ، مصطفى ماهر، والمطربة ســحر وغيرهم .
وأصل القدود الحلبية اما من الاغنيات الدينية التي كانت تؤدى في حلقات الذكر والمناسبات الدينية ، أو من أغنيات شعبية قديمة متدنية المستوى بكلماتها ، ففي الحالة الاولى ـ أي الاغنيات الدينية ـ تم استبدال الكلمات الدينية باخرى غزلية مع الحفاظ على اللحن الاصلي ، ومثال على ذلك الاغنية الدينية التي تقول ( ياامام الرسل ياسندي / أنت باب الله معتمدي .. ) التي تم استبدال كلماتها بكلمات تقول ( تحت هودجها وتجادلنا / صار ضرب سيوف ياويل حالي ) ، فكان هذا القد الجميل . والقد الذي يقول :
( ع الاسمر اللون .. يالاسمراني ) أصله أغنية دينية يقول مطلعها ( عليك صلى الله / ياخير خلق الله ) .
أما الحالة الثانية من أصل القدود الحلبية ، فهي القدود التي مصدرها وأصلها أغنيات شعبية قديمة متدنية المستوى بكلماتها ، ومن أمثلة هذا النوع من القدود ، القد الذي يقول
هـيمـتـــي تـيـمتـــني عن سواها اشغلتني
اخت شمس ذات انس لابكأس اسـكرتني
لست أسلوها ولو في نار هجران سلتني
فقد نظم كلمات هذا القد الشيخ أمين الجندي الحمصي على وزن أغنية شعبية كان يرددها الناس ويقول مطلعها
جوجحتني مرجحتني دوختني ذلـلتـني
وحافظ القد على نفس لحن الاغنية الشعبية .
والشيخ أمين الجندي هو ناظم كلمات معظم القدود الحلبية خلال اقامته في حلب برفقة ابراهيم باشا الذي اتخذ حلب عاصمة له بعد فتحه لسورية .
ومن القدود الحلبية المشهورة ( قدك المياس ياعمري ) ، ( الارصية منين منين ) ، ( آه ياحلو يا مسليني ) وغيرها قدود كثيرة .
الموشحات
الموشح .. هو في الاصل قالب غنائي أندلسي ،انتقل الى المشرق العربي عبر الهجرات بعد سقوط الدولة العربية في الاندلس ، واستقرت الموشحات في دول المغرب العربي ( المغرب الجزائر وتونس ) ،وفي الشرق العربي في مصر وسورية ولبنان وفلسطين ، بينما لم تعرف دول المشرق العربي الاخرى فن الموشح .
وفي الحقيقة .. فان الموشح المشرقي يختلف عن الموشح الاندلسي في ناحية فنية هامة ، ففي الموشح الاندلسي كانت الكلمات هي التي تحدد الموشح وليس اللحن ، فكان للموشح الاندلسي أوزانه الشعرية الخاصة ، أما في المشرق العربي فقد أصبح اللحن هو الذي يحدد قالب الموشح ، وبشكل خاص الاوزان ، لذلك نجد أن هناك موشحات بالزجل العامي ، واخرى من الشعر العربي الفصيح العمودي بأوزانه وتشطيراته المختلفة .
وحلب .. كانت أهم المراكز التي ازدهر فيها فن الموشح واكتسب فيها خصوصية فنية ، حتى عرف بالموشح الحلبي ، وتمثلت هذه الخصوصبة بظهور الجانب التطريبي في الموشح الحلبي ، متأثرا بالغناء الشعبي في مدينة الشهباء ، وهذا لانجده في موشحات مصر (على سبيل المثال ) باستثناء موشحات سيد درويش الذي تأثر فيها بالاسلوب الحلبي ، فسيد درويش تعرف على فن الموشح في حلب خلال زيارتيه لها ، وتعلمه على أيدي أعلام الموسيقا فيها .
ومن أبرز ملحني الموشح في حلب الشيخ عمر البطش الذي لحن نحو مئة وأربعين موشحاً ، هي من أجمل ماعرفته حلب في هذا القالب الغنائي الراقي ، ومن موشحاته ( سبحان من صور حسنك ) ، ( ياذا القوام السمهري ) ، (هذي المنازل ( زارني تحت الغياهب ) ومن الذين اشتهروا بتلحين الموشح في حلب أيضا الشيخ علي الدرويش وأبنائه نديم وابراهيم ومصطفى ، وعبد القادر حجار تلميذ عمر البطش ، وبهجت حسان وابراهيم جودت ومجدي العقيلي ...
رقص السماح
ارتبط رقص السماح بالموشح ارتباطا وثيقا ، وهو يشكل بحق أهم ملامح حلب الفنية وعرفته الشهباء دون بقية المدن السورية ، ورقص السماح هو في الاصل رقص ديني ، كان يؤديه الرجال فقط في حلقات الذكر والزوايا الصوفية ، وسمي هذا الرقص باسم السماح لانه الرقص الذي كان مسموحا به في الاوساط الدينية المحافظة وتقول رواية اخرى أن السماح يعني الاستئذان من رئيس الطريقة الصوفية لتقديم الرقص الذي كان يتصف بالحشمة والادب وبعده عن المجون والخلاعة ومايزال .
ومبتكر رقص السماح الشيخ عقيل المنبجي المتصوف الذي ولد في بلدة منبج قرب حلب ، وتوزعت اقامته مابين بلدته وحلب ، وتوفي في منبج ودفن فيها عام /731/ ميلاي ، والمنبجي عالم صوفي برع في الموسيقا ، وقد ألهمته عبقريته الموسيقية الى تحويل نغمات وايقاعات التواشيح الدينية التي كانوا ينشدونها في الزوايا الصوفية ويضربون ايقاعاتها بأيديهم الى حركات موزونة يتم تأديتها بالأرجل ، وعلم هذا اللون من الرقص لطلابه على ايقاعات النواشيح الدينية وكان رقصا رتيبا ، يستمر الفصل منه لمدة ساعتين ، وتقول بعض الروايات أن الفصل منه ، قد تصل مدته إلى أربع ساعات .
واستمر رقص السماح رقصاً دينياً يؤديه الرجال فقط ، حتى جاء الموسيقي الحلبي العبقري عمر البطش ، والذي ـ كما ذكرنا ـ أبدع ألحان موشحات بديعة ، فقد أدخل الفنان البطش على رقص السماح تطوراً كبيراً فأخرجه من اطاره الديني وجعل منه فنا راقياً ، وأدخل العنصر النسائي في أدائه ، وفي رقص السماح يرتدي الرجال الازياء الحلبية الشعبية مثل القمباز أو الصدرية والميتان والشروال ، ويشدون على وسطهم الشال مع الحذاء الحلبي الأحمر ، أما النساء فيرتدين الألبسة الحريرية الفضفاضة المحتشمة مع الطرحة على الرأس ، وتكون ألوان الألبسة النسائية زاهية مزركشة بتطريز الاغباني ، وتؤدى الرقصات على نغمات وايقاعات الموشحات والقدود الحلبية التي تقدم على شكل وصلات ، كل وصلة من مقام واحد ، ولكل وصلة من الموشحات رقصة خاصة بها ، فللرقصة الخفيفة الهادئة موشحات خفيفة الوزن ، وللرقصة السريعة موشحات ذات ايقاعات سريعة ، تتسارع فيه الاصوات ، وتتلاحق فيها الكلمات ، ولضارب الايقاع دور مهم في ادارة حلقة الرقص .إلا أن دور الرجال فيه تقلص ، إلى أن اصبح شبه معدوم .
واستطاع عمر البطش أن يجعل من رقص السماح رقصاً راقياً حيوياً جميلاً ، فقد ابتكر وصلات جديدة من السماح لم تكن معروفة من قبله ، منها وصلات مشبكة من مقامات الرصد والحجاز والبيات على أوزان المحجر والمربع والمدور والمخمس والسماعي والثقيل الدارج ، ومن أجمل وصلات رقص السماح تلك الرقصة التي تؤدى على ايقاعات موشحات عمر البطش الشهيرة ، ( ياعريباً في الحمى ) و ( ان طال جفاك ياجميل ) وموشح ( لما بدا يتثنى ) للملحن المصري محمد المسلوب ، وبالامكان مشاهدة هذه الوصلة البديعة من رقص السماح ضمن مشاهد فيلم ( عقد اللولو ) لدريد لحام ونهاد قلعي الذي انتج عام 1964 . وتؤدي وصلة السماح فيه فرقة أمية للفنون الشعبية .
واذا كان رقص السماح فناً حلبياً صرفاً فان دمشق تعرفت علبه بفضل جهود الزعيم الوطني السوري فخري البارودي الذي تعرف على رقص السماح في حلب فأحبه ونقله الى دمشق .
فقد حضر فخري البارودي ـ خلال احدى زياراته الى حلب ـ حلقة رقص السماح في منزل منير العمادي ، وادى الحلقة عمر البطش مع مجموعة من أصدقائه ، فأحب البارودي رقص السماح ، وقرر نقله الى دمشق ، كان ذلك عم / 1936 / وفي ذات العام ،استقدم البارودي عمر البطش الى دمشق ، فشكل البطش فرقة من طالبات مدرسة دوحة الادب ودربهن على السماح ، وقدمت الفرقة حفلة على مسرح المدرسة فتعرف جمهور دمشق على هذا الفن الراقي الذي كان له وقع جميل في النفوس .
وفي عام /1947/ قام فخري البارودي بتأسيس المعهد الموسيقي الشرقي بدمشق وكان تابعاً لاذاعة دمشق فاستدعى عمرالبطش ثانية للتدريس في المعهد ، وقام البطش بتدريس الموشحات ورقص السماح ، وتخرج على يديه مجموعة من الموسيقيين المتخصيين بتلحين الموشحات ورقص السماح منهم زهير منيني ، عمر العقاد ، عدنان ايلوش ، بهجت حسان ، وعدنان أبو الشامات ...
وشكل عمر البطش فرقة لرقص السماح من مجموعة من طلاب وطالبات جامعة دمشق ، وقدمت الفرقة حفلة كبيرة على مدرج جامعة دمشق ، وهكذا انتقل رقص السماح الى دمشق وأصبح فناً أساسياً من فنونها . كما قدمت مجموعة من طلاب المعهد سابق الذكر وصلة من رقص السماح أمام أم كلثوم في منزل فخري البارودي خلال زيارتها إلى دمشق عام 1955.
فاصل ( اسق العطاش)
فاصل ( اسق العطاش ) لوحة موسيقية غنائية مدتها نحو ساعة من الزمن ، وفي روايات أخرى ، قد تستغرق زمناً أكثرمن ذلك بكثير . وهو أكثر الفنون الغنائية تعبيراً عن أحاسيس الناس ومشاعرهم ازاء موقف انساني معين بالكلمة الصادقة واللحن المعبر ، وهذا الفاصل ألفه ولحنه الناس في مدينة حلب ، ويعود تاريخه وأصله الى مئات السنين ، ويقول العلامة الحلبي خير الدين الاسدي في موسوعة حلب المقارنة .. أن حلب تعرضت في زمن بعيد الى جفاف وقحط شديدين ، بحيث احتبست الامطار طويلا ، وضاق الناس والزرع والارض ، حتى انقطع الأمل والرجاء في النفوس واتجه أهالي حلب بالمئات الى ظاهر المدينة ، وفي رواية أخرى إلى جبل الجوشن ، وهو هضبة تقع وسط حلب ، ويحمل حالياً اسم جبل الأنصاري، ويضم مبنى إذاعة حلب، وهناك انطلقت القلوب الى السماء ، تطلب من الله الرحمة والتوبة وزوال المحنة الشديدة ، واستجاب الرحمن لعباده ، بينما كانت أصوات الألوف تردد :
ياذا العطا... ياذا الوفا ... ياذا الرضا ... ياذا السخا
اســـق العطـاش تكرمــــــــــا
واستجاب الله لتضرعات المحتشدين ودعواتهم ، وانهمرت الأمطار ، وروت ظمأ الناس والحيوان والزرع ففرح الناس , وأقاموا الاحتفالات ، وأنشدوا الموشحات والقدودالحلبية والاغنيات الشعبية ابتهاجاً باستجابة الله لدعواتهم . وأصبحت فقرات فاصل ( اسق العطاش ) تقدم في المناسبات والأفراح ، وكانت عرضة للتغيير والتبديل والضياع ،الى أن قام الشيخ عقيل المنبجي ـ مبتكر رقص السماح ـ بجمع وترتيب فقرات الفاصل ، حتى أخذ شكله الفني الحالي . وحرصاً على الفاصل من الضياع ، قام الموسيقي الحلبي أحمد الأوبري بتوثيق الفاصل في كتيب حمل عنوان ) فصل اسق العطاش الشهير) . وتصدرالكتيب مقدمة كتبها فتح الله قسطون ، الذي قام بجمع الفاصل وضبط ألفاظه ، بينما كتب أحمد الأوبري لمحة تاريخية فنية عنه . وصدر الكتيب في تموز عام 1929 . ويقول فتح الله قسطون في مقدمته للكتيب والفصل مأخوذ عن كتاب خطي قديم عنوانه / سلافة الحان وسفينة الألحان / يقع في مائة وخمسين صفحة ونيف . يرجع تاريخه إلى أكثر من مائة سنة . كله بخط جامعه السيد محمد الوراق منشد التكية الهلالية بحلب . وقد كان رحمه الله من غواة الموسيقيين وأئمة الملحنين في عصره ، مع ما اشتهر به من العلم والصلاح . وتخرج على يديه عدد كبير من المشايخ والمنشدين والملحنين الحلبيين .
والفاصل طويل جداً . وفيما إذا تم تسجيله ، قد يستغرق ثلاث أو أربع ساعات .
وظل فاصل ( اسق العطاش) يقدم ناقصاً أو على شكل فقرات منفصلة ، الى أن قام الفنان صباح فخري باختيار ساعة منه ، وقام بتسجيله بصوته ضمن حلقات البرنامج الموسيقي ( نغم الأمس ) ، كما قام الموسيقي والباحث السوري مجدي العقيلي بتوثيق الفاصل بالكلمة والنوتة الموسيقية في الجزء الخامس من كتابه ( السماع عند العرب ) ، لكن نسخة العقيلي لايمكن الاعتماد عليها ، ففيها موشحات حديثة ومعروفة الملحن ، منها على سبيل المثال موشحا ( ياعريباً بالحمى ) تلحين عمر البطش و(اجمعوا بالقرب شملي) تلحين سيد درويش . والموشحان ينتميان إلى النصف الأول من القرن العشرين ، بينما الفاصل عمره مئات السنين. ويبدأ الفاصل بأبيات شعرية تطلب الصفح والغفران من الله تعالى ويقوم المطرب بغنائها ارتجالاً تقول هذه الأبيات :
مولاي أجفاني جفاهن الكرى
والـشـــوق لاعجـــه بقلبي خيمـا
مولاي لي عمل .. ولكن موجبُ
لــعقوبتي فــاحـنن علي تكـرمــا
واجلِ صدى قلبي بصفوِ محبـة
ياخير من أعطى الجزاء وأنعما
وتردد المجموعة :
يا ذا العطا.. يا ذا الوفا يا ذا الرضا .. يا ذا السخا
اســــق العطاش تكرما
فالعقل طاش من الظما
غث اللهفان وارو الظمآن واسقنا يارحمن
من منهل الاحسـان غــــــريب الاوطــــان
ياصاحب الورد الذي أحيا الحمى
املالـــي الكاســـات يــاســاقي الأجـــــــــواد
وانعش من قد مـات ظمـــــــان الأكبـــــــــــاد
وبعد هذه المقدمة التي فيها الابتهال والدعاء لله تبدأ الموشحات والقدود الحلبية التي يتناوب على غنائها المطرب والمجموعة ، وتأتي بالتسلسل التالي :
موشح ( كئيب الفؤاد ) ، موشح ( ملكتم فؤادي في شرعالهوى ) ، موشح (ويلاه من نار الهجران) ، قد ( هيمتني تيمتني ) ، قد ( جاني حبيبي أبو الحلقة ) ، ارتجال شعري ( يالائمي بالهوى العذري كفاك شجار) ، ارتجال شعري ) عطفاً أيا جيرة الحرم ) ، موشح ( ياغزالاً كيف عني أبعدوك ) ، موشح ( أهوى الغزال ( ، قد ( قدك المياس ) ، قد ( بيني وبينك حالوا العوازل ) .وهذا الترتيب حسب النسخة التي قام بتسجيلها الفنان صباح فخري والتي تحدثنا عنها قبل قليل ، باستثناء ( قدك المياس) الذي هو ليس من أصل الفاصل ، بل هو إضافة من صباح فخري ، أما نص الفاصل الذي أورده مجدي العقيلي في الجزء الخامس من كتابه ( السماع عند العرب ) ، فقد تضمن بعد الافتتاحية الابتهالية السابقة سبعة وثلاثين عملاً غنائياً مابين موشح وقد وأغنية شعبية ولوحة غنائية.
والموسيقي اللبناني توفيق الباشا ، استهواه فاصل )اسق العطاش ) ، فقام بتقديمه برؤية موسيقية جديدة ، اذ أدخل عليه اضافات شعرية نظمها الشاعر اللبناني مصطفى محمود ، وقدمه توفيق الباشا مطبقا عليه اساليب الموسيقا السمفونية وخاصة ( البوليفينية ) أي التآلف الموسيقي بعد أن وضع في لحنه عدة خطوط موسيقية ، وطبق التعددية الصوتية (canon) ، وقدمته فرقة موسيقية كبيرة قريبة من الأوركسترا .