محللون اقتصاديون: إصدار عملات معدنية بدلا عن الورقية يرتبط بالاختلالات التي شهدها الاقتصاد السوري ويساهم في تخفيض حدة التضخم وتكاليف اهتراء العملة الورقية
أصدر الرئيس بشار الأسد مرسوما يتضمن تعديل قانون النقد الأساسي في سورية بحيث يمكن إصدار نقود معدنية من فئة 50 ليرة سورية, بعد أن كانت مقصورة على فئات نقدية دون الـ25 ليرة, الأمر الذي رأى فيه خبير في شؤون النقد والمصارف مفيدا في تخفيف حدة التضخم.
وقال مصدر مطلع في المصرف المركزي لـسيريانيوز إن "المرسوم رقم 1 للعام 2010 نص على تعديل بند في قانون النقد رقم 23 للعام 2002 يقضي إصدار نقود معدنية من فئة 50 ليرة سورية", مشيرا إلى أن "المصرف سيبدأ سك النقود قريبا خاصة وأنه حصل على موافقة اللجنة الاقتصادية الخاصة بتعديل قانون مصرف سورية المركزي".
وكان مجلس النقد والتسليف رفع توصية إلى رئاسة مجلس الوزراء لتعديل المادة 43 من قانون مصرف سورية المركزي ونظام النقد الأساسي رقم 23 لعام 2002 بهدف إصدار فئة خمسين ليرة معدنية.
وتنص المادة 43 من القانون المذكور أنه تسك النقود من الفئات الصغيرة بقطع من فئات خمسة وعشرين قرشاً، خمسين قرشاً، مئة قرش، ليرتين، خمس ليرات، عشر ليرات، خمس وعشرين ليرة سورية.
وأضاف المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه أن "المصرف المركزي سيبدأ سك النقود معدنيا من فئة 50 ليرة فور اكتمال الإجراءات القانونية من استدراج عروض ودراستها ومن ثم الرسو على العرض الأفضل وفقا لدفتر شروط", مشيرا إلى أن "المركزي يتعاقد عادة مع شركات لها باع طويل في سك النقود المعدنية".
وكان المصرف المركزي تعاقد مع شركة فرنسية لسك الـ25 ليرة القديمة التي لا تملك نقوشا على إطارها, قبل أن يعود إلى التعاقد مع شركة رويال مينت البريطانية, صاحبة الباع الكبير في هذا المجال, ليسك الـ25 ليرة الجديدة وغيرها من العملات المعدنية.
وعن سبب إصدار الخمسين ليرة بشكل عملة معدنية, قال الخبير الاقتصادي بشؤون النقد والمصارف أسامة سعيد لـسيريانيوز إن "إصدار عملات معدنية بدلا عن الورقية يساهم في تخفيض حدة التضخم من حيث إبقاء هذه الكتلة النقدية المعدنية خارج حساب التضخم", مشيرا إلى أن "لإصدار العملة المعدنية فوائد فنية أيضا تتجسد في التخفيف من اهتراء العملة الورقية إذ أن العمر الافتراضي للعملة المعدنية أطول بكثير من عمر العملة الورقية التي تقل تكلفة إنتاجها عن تكلفة العملة المعدنية".
وعن آثار إصدار الخمسين ليرة معدنية على النقد في سورية, قال سعيد إن "التأثير سيكون قليلا على حجم التضخم في سورية وبالتالي سيكون دورها أكبر في الشق الفني", مشيرا إلى أن "الاقتصادات الكبرى تلجأ على تغيير عملتها من المعدنية إلى الورقية تسهيلا لرصد حجم التضخم لديها على اعتبار أن احتساب التضخم يرتبط بالعملة الورقية حصرا ولا يدخل المعدنية في حساباته".
ووصل وسطي معدل التضخم في سورية من العام 2000 حتى 2008 إلى 35 % حسب بيانات رسمية,
في حين قال صندوق النقد الدولي إن التضخم وصل في سورية عام 2008 إلى 18 %, كما بلغ في العام 2009 3% وفقا لتصريحات رسمية.
ولم يكن المحلل الاقتصادي أيهم أسد بمنأى عما ذهب إليه سعيد حين قال لـسيريانيوز إن " سورية تعيش منذ عام 2000 مرحلة انتقالية في الاقتصاد ومن الطبيعي أن تشهد اختلالات قد تؤدي إلى الفشل إذا لم تصحح بحينها", مشيرا إلى أن " تغيير شكل العملة له علاقة غير مباشرة بالاختلالات الاقتصادية التي تعيشها سورية ولكن تغيير فئات العملة له علاقة المباشرة بهذه الاختلالات".
وكان آخر تغيير في فئات العملة في سورية إحداث الـ200 ليرة سورية ورقيا, في حين كان آخر تغيير من حيث شكل العملة إصدار الـ25 ليرة سورية معدنية.
والنقود من الفئات الصغيرة هي القطع النقدية من المعادن غير الثمينة التي تصدرها الدولة والتي تتمتع بصفة التداول القانوني وتكون لها قوة ابرائية في تسديد الديون والالتزامات ضمن حدود القانون.