لي تاريخ كتابة هذه السطور يبدو للمتابع أن الموسم الدرامي السوري لهذا العام قد تجاوز عتبة الخمسة وعشرين مسلسلاً درامياً، وهو الرقم الذي وصل إليه عدد الأعمال الدرامية السورية في الموسم السابق
وإذا كان لقلة عدد الأعمال في العام الماضي أسباب شتى من داخل الحالة الإنتاجية و من خارجها، فإن كم الأعمال التي انتهى تصويرها أو بدأت أو ستبدأ بعد قليل، يوضح أن المنتجين قد تخلوا عن خوفهم وأن الظروف قد تحسنت من أجل العودة إلى موسم حافل ومليء بالأعمال..
و لعل نظرة سريعة قد توضح للقارئ بعض تفاصيل خريطة الإنتاج الدرامي السوري لموسم 2010.
الأعمال الاجتماعية
رغم أن الموسم السابق قد سيطرت عليه الأعمال الاجتماعية (أكثر من نصف عدد أعمال الموسم)، إلا أنها ورغم تشابه موضوعاتها (الفساد والفقر والعشوائيات) تبدو الخيار الأول للجمهور للسوري والعربي، و قد يعود هذا إلى حدة المواضيع التي تناولتها، و لكن هذه الأعمال قدمت من جهة ثانية صورة مختلفة لأداء الممثلين السوريين وكذلك المخرجين، الذين تعاطوا مع البيئات التي تم تصويرها في الأعمال بحرفية عالية، مما انعكس على تلقي الجمهور الذي تابعها بشغف، و قد تركت أثرها الطيب لدى المتابعين، الذين رأوا أن الكم القليل من الإنتاج قد أنعكس إيجابياً على سوية الأعمال المنتجة ولا سيما الاجتماعية منها.
وفي هذا الموسم يبدو أن لدى هواة هذا الصنف حصتهم الكبيرة، والتي بدأت بمسلسل (مطلوب رجال) الذي أشرف عليه المخرج حاتم علي، و أدار تصويره مخرجان هما سامي الجنادي و سامر برقاوي، والذي يحاكي مسلسلاً مكسيكياً تم الاتفاق على إنتاج نسخة عربية منه لصالح إحدى الشبكات التلفزيونية العربية الكبرى، أما مسلسل (ساعة الصفر) تأليف مازن طه وإخراج يوسف رزق، فهو محاكاة للواقع العربي عموماً والسوري خصوصاً، وفيه يعود رزق إلى نمط الأعمال التي عرف بها والتي تقارب قاع المجتمع.
أما المخرج نجدت أنزور فيبدو أنه يريد أو يوغل عميقاً في كشف العطب الاجتماعي، الذي تعانيه بعض البيئات المحافظة في
مجتمعاتنا العربية عبر مسلسله (ما ملكت أيمانكم)، الذي كتبته الدكتورة هالة دياب، و فيما يوشك هذان العملان على الانتهاء من مرحلة التصوير، يبدو أن كاميرا المخرج أحمد إبراهيم أحمد قد وصلت إلى منتصف المرحلة في مسلسل (لعنة الطين)، للكاتب سامر رضوان الذي يتحدث في عمله هذا عن مرحلة ثمانينيات القرن الماضي من تاريخ سورية المعاصر، والتي تبدو أثارها و تفاصيلها حاضرة حتى الآن عبر شخوص العمل ومصائرهم، و كذلك وصل مسلسل (قيود عائلية) الذي كتبتاه يارا صبري وريما فليحان، ويقوم بإخراجه ماهر صليبي إلى مرحلة متقدمة تقارب نصف العمل، أما مسلسل (الخبز الحرام) لمروان قاووق مؤلفاً وتامر إسحاق مخرجاً، فقد انطلقت عمليات تصويره قبل فترة قصيرة.
و على الجانب الآخر تبدو عمليات التحضير مستمر للبدء بتصوير مسلسل (ذاكرة الجسد) المأخوذ عن الرواية الشهيرة للكاتبة أحلام مستغانمي، و قد قامت الكاتبة السورية ريم حنا بتحويلها إلى نص تلفزيوني، على أن يقوم المخرج نجدت أنزور بالبدء بعمليات التصوير بعد انتهائه من تصوير مسلسل (ما ملكت أيمانكم)، و كذلك يتوقع المتابعون أن تشهد الأيام القادمة انطلاق عمليات تصوير المسلسل الجديد للكاتبة يم مشهدي والذي يحمل عنوان (تخت شرقي)، على أن تتولى عملية إخراجه المخرجة رشا شربتجي في ثاني تعاون لها مع الكاتبة، وكذلك يتوقع البدء بتصوير مسلسل (الصندوق الأسود)، الذي كتبته الكاتبة رانيا بيطار وسيخرجه المخرج الشاب سيف الشيخ نجيب.
ويشهد الموسم الحالي عودة قويةً لمديرية الإنتاج التلفزيوني في التلفزيون السوري عبر أربعة مسلسلات، هي (البقعة السوداء) تأليف خلدون قتلان وإخراج رضوان المحاميد، و(الهروب) تأليف رامي الطويل وإخراج ثائر موسى و(أقاصيص مسافر) المأخوذ عن قصص الكاتب الكبير زكريا تامر وقد كتبه كسيناريو منيف حسون وسيخرجه خالد الخالد، و كذلك مسلسل (زلزال) الذي كتبه بسام جنيد وسيخرجه محمد الشيخ نجيب.
"أهل الراية" و"باب الحارة"...
ثلاثة أعمال يبدو أنها ستطبع هذا النوع الدرامي بطابعها، أولها كان مسلسل أسعد الوراق الذي كتب نسخته الجديدة هوزان عكو، و قامت بإخراجه رشا شربتجي في تجربة إستعادية للسباعية الشهيرة التي قدمها التلفزيون السوري في منتصف سبعينيات القرن الماضي بنص لعادل أبو شنب وبتوقيع المخرج علاء الدين كوكش، أما العمل الثاني فهو الجزء الثاني من مسلسل أهل الراية الذي كتبه أحمد حامد، وجرى تنفيذ جزئه الأول في موسم عام 2008، و غاب عن الموسم الماضي بسبب مشاكل إنتاجية وفنية متعددة،
ليقدمه في هذا الموسم المخرج سيف الدين سبيعي بعد أن حل النجم عباس النوري مكان النجم جمال سليمان، في دور (أبي الحسن) الشخصية الرئيسية في العمل.
أما الجزء الخامس من المسلسل الشهير (باب الحارة)، فمن المتوقع أن يبدأ تصويره خلال الأيام المقبلة بعد أن يستكمل المخرج بسام الملا تحضيراته. و على هامش هذه الأعمال المؤكدة يتم الحديث عن أعمال أخرى مثل (بر الشام) تأليف أحمد حامد و(خان الشكر) تأليف الممثل وفيق الزعيم، ولم يتحدد إلى هذه اللحظة من سيقوم بإخراجهما مع حديث عن أنهما سيكونان بتوقيع بسام الملا، بالإضافة إلى مسلسل (عش الدبور) تأليف مروان قاووق والذي سيخرجه تامر إسحاق أيضاً..
أعمال كوميدية
انتهت قبل أيام قليلة عمليات تصوير الجزء الثاني من مسلسل (ضيعة ضايعة) الذي كتبه د. ممدوح حمادة وأخرجه الليث حجو، والذي حاز الجزء الأول منه على شعبية غير مسبوقة وعالية المستوى، وإلى الآن يبقى هذا المسلسل وحيداً في ساحة الأعمال الكوميدية، لتبقى على الأجندة أعمال أخرى تعاني من بعض العقبات التي تحول دون البدء بتنفيذها، كمسلسل (صبايا) الذي يتم التحضير لجزء جديد منه سيكون بتوقيع المخرج فراس دهني، كذلك مسلسل (بقعة ضوء) في موسمه الجديد أيضاً، و كذلك مسلسل (مرايا) للفنان ياسر العظمة و مخرجه مأمون البني الذي يبدو أن يعاني من مشكلةٍ تمويلية، فيما تتردد الأخبار عن عزم الفنان سامر المصري البدء بعمله العتيد (أبو جانتي) وكذلك الفنان محمد أوسو الذي لم ينته بعد من إنجاز مسلسله الكوميدي الجديد..!
الأعمال التاريخية
و في ضفة الأعمال التاريخية يقوم المخرج محمود الدوايمة، بإجراء عمليات المونتاج لمسلسل (رايات الحق) الذي كتبه محمود عبد الكريم، والذي انتهى من تصويره قبل فترة ليكون أول عمل يتم الانتهاء منه في هذا الموسم، بينما عادت كاميرا المخرج المثنى صبح لتدور في تدمر متابعاً تصوير مسلسله (القعقاع) الذي كتبه محمود الجعفوري، و الذي انتقلت عمليات تصويره من المغرب إلى سورية بعد أن توقف بسبب مشاكل لوجستية هناك..
أعمال السيرة الذاتية
و على هامش الأنواع الدرامية السابقة علم موقع الرأي نيوز بوجود مشاريع يتم التحضير لها، تنتمي لنوعية "السيرة الذاتية" و التي غابت قليلاً عن المشهد الدرامي السوري خلال السنوات السابقة، إذ أن المخرج هيثم حقي يقوم بالتحضير لمسلسل يتناول حياة أبي المسرح السوري (أبو خليل القباني) والذي كتبه خيري الذهبي، ليكون أول تجربة تلفزيونية تتناول هذه الشخصية، و كذلك يقوم المخرج محمد فردوس أتاسي بالتحضير لمسلسل يتناول حياة الفنان التشكيلي السوري المنتحر لؤي كيالي، و التي تشكل تفاصيلها مادةً هامة للبحث في تاريخ سورية خلال النصف الثاني من القرن العشرين.